أبو منصور الموفق (القرن 4هـ / 11 م)
الموفق بن علي أبو المنصور الهراوي الفارسي، كيميائي وصيدلي اشتهر في القرن الرابع الهجري / التاسع الميلادي، وإليه يُرجع تأسيس علم الكيمياء الصناعية. عاصر الدولة السامانية فكان من أقرب المقربين إلى الأمير منصور بن نوح الساماني الذي حكم بين 350-365هـ / 961 -967م، فذاع صيته لِما عرف عن إسهاماته في حقل الكيمياء.
لقد كان أبو المنصور الموفق من العلماء الواقعيين الذين يؤمنون بالحقيقة لا بالخرافة، ولذا فقد جعل كل تجاربه واهتماماته منصبا على الأمور التي تهم الناس في حياتهم اليومية، بعيدا عن الخرافات التي صاحبت مهنة الكيمياء في عصره. وقد استفاد الناس من تجاربه هذه وابتكاراته الكيماوية أفضل استفادة من الناحيتين المادية والاجتماعية، فكان إذا توصل إلى تحضير دواء يمكن استخدامه، يسارع إلى إخراجه للأسواق ليقبل عليه الناس، فيربح من بيعه كثيرا ويشتري بذلك آلات وأدوات ومواد جديدة تساعده في بحوثه وتجاربه الجديدة.
كان من هذه الابتكارات والإنجازات في مجال الكيماويات والأدوية التي مازالت تنسب له حتى الآن، خاصة ما كان منها متعلقا بعلم الكيمياء الطبية. فقد قام بتحضير مادة قوامها الجير الحي لتنظيف الجلد من الشعر واكتسابه بريقا ولونا يميل إلى الاحمرار، ونصح بتسخين النحاس المؤكسد بشدة لينتج مادة سوداء يستعملها الإنسان ليكسب شعر رأسه لونا أسود لامعا. كما اكتشف مادة لاحمة للعظام تستعمل في معالجة الكسور ، وذلك بتسخين كبريتات الكاليسيوم ومزج الناتج بزلال البيض.
ولقد ساعد أبا المنصور الموفق في تجاربه العلمية هذه أنه كان عارفا بعلوم اليونان وحجة في المعارف السريانية والهندية والفارسية. كما كان صابرا على طلب العلم والدرس والتدقيق والتمحيص، ومحبا للسفر بحثا عن علماء الكيمياء المعروفين ليأخذ منهم ويتعلم على أيديهم، حتى أضحى موسوعة في علم الكيمياء.
ويعد كتابه الأبنية في حقائق الأدوية من أهم الكتب التي نصت على إنتاجه.
فقد شمل الكثير من المعلومات عن خواص العقاقير والأدوية وطرق الحصول عليها.
ابن عبدوس ( القرن 4هـ - القرن 10م )
صاعد بن بشر بن عبدوس أبو المنصور الطبيب. لم تحدد الموسوعات أو كتب تأريخ العلوم لابن عبدوس تاريخ ميلاد أو وفاة وإنما ذكرت القرن الذي عاش فيه. عاش في القرن الرابع الهجري - العاشر الميلادي.
ولد ابن عبدوس ونشأ ببغداد ، واشتغل بفصد الدم للمرضى بالبيمارستان العضدي . وظل بعمله هذا إلى أن أتم دراسته للطب وصار طبيبا معالجا بين أطباء البيمارستان. وقد كان الأطباء المهرة بهذا البيمارستان وسواه يعالجون أكثر الأمراض مثل: الفالج، واللقوة وغيرهما بالأدوية الحارة تبعا لمؤلفات الأقدمين.
وخالف ابن عبدوس هؤلاء الأطباء ونقل العلاج إلى الأدوية المبردة، فكان أول مَن فطن إلى تدبير العلاج بالتبريد، وصار يعالج مرضاه بالفصد وبالتبريد والترطيب ومنع المريض من تناول الطعام. ونجح ابن عبدوس بعلاجه الجديد لمرضاه وذاعت شهرته، وصار رئيسا للبيمارستان العضدي، واعتمد عليه الملوك والأمراء في علاجهم من أمراضهم. وعندئذ منع العلاج في البيمارستان العضدي بالمعاجين الحارة، واعتمد في العلاج على مياه البذور النباتية ومن أهمها الشعير وكان الأمراء والوزراء يدعونه من كافة البلدان لعلاجهم فيما يفشل فيه الأطباء ومن أهم الأماكن التي سافر إليها الأنبار
وقد اهتم ابن عبدوس اهتماما خاصا بالترياق وتركيبه ومن بين مركباته التي اهتم بها الكافور ، وقد عالج ابن عبدوس كذلك الخليفة المرتضي بالله من لدغة عقرب، وكان يؤمن بأثر الأعشاب الطبية ويلجأ إليها في علاج الأمراض الشديدة مثل السكتة الدموية. وابن عبدوس هو أول طبيب عربي يكتب عن علاج مرض السكر. وله في الطب كتابان وضع فيهما خلاصة تجربته العملية هما: مرض المراقية ومداواته . و مرض الديابيطس ومداواته .
__________________
الجــــلدكي
عز الدين علي بن محمد أيدمر بن علي الجلدكي، عالم كيميائي اشتهر في القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي. ولد في جلدك من قرى خراسان على فرسخين من مشهد الرضا.
درس الجلدكي في قريته العلوم الأساسية، ثم انتقل إلى القاهرة حيث عكف على دراسة الكيمياء. وقد اشتهر الجلدكي بسعة اطلاعه وتبحره في هذا العلم، وكان محبا لنشره بين الناس، ففتح داره أمام طلاب المعرفة، وأفسح صدره لإجابة من يستفتيه في مسألة من مسائل الكيمياء أو في أي فرع من فروع المعرفة.
كما درس الجلدكي تاريخ علم الكيمياء وتابع تطورات هذا العلم بكل تمعن في تاريخ الحضارات التي سبقت الحضارة الإسلامية، ولم يترك كتابا في صنعة الكيمياء إلا تناوله درسا وتعليقا. وكان في حياته عاكفا طيلة الوقت على دراسة مصنفات جابر بن حيان و أبي بكر الرازي في علم الكيمياء وغيرهما من علماء الإسلام، وكان في عمله هذا معروفا بتعليقاته وتفسيراته وشروحه لبعض النظريات والآراء الكيميائية الصعبة للغاية.
وكان كثيرا ما يقف على مسألة غامضة فيضطر إلى السفر من أجلها ليباحث فيها نظراءه في الكيمياء، إلا أن معظم أسفاره كانت إلى دمشق . فكان كثير التنقل بين دمشق والقاهرة إلى ما قبل وفاته.
وكان الجلدكي من العلماء الذين يجرون التجارب بأنفسهم ولا يكتفون بالمعرفة النظرية. ولقد أوصلته تجاربه إلى العديد من الاكتشافات العلمية التي سجلت باسمه عبر التاريخ. فهو أول عالم نبه الأذهان إلى خطر استنشاق الإنسان للغازات والأبخرة الناتجة من التفاعلات الكيميائية وضرورة الاحتياطات الكافية، وهو أول من أوصى بوضع قطعة من القطن والقماش في أنفه، فأوحى بذلك للعلماء حاليا أن يستعملوا الكمامات في معامل الكيمياء. وقد درس القلويات والحمضيات، وتمكن من أن يضيف مواد كيميائية إلى الصودا الكاوية المستعملة في صناعة الصابون للمحافظة على الثياب من تأثير الصودا إذ أنها تحرق الثياب.
وقد وصف الجلدكي بالتفصيل الأنواع المختلفة للتقطير، وشرح طريقة التقطير التي تستعمل حاليا مثل أوراق الترشيح والتقطير تحت الحمام المائي والتقطير المزدوج. وفي وصفه للمواد الكيميائية لا يت رك خاصية للمادة إلا ذكرها وأوضحها، بل إنه يعتبر أول عالم تمكن من معرفة أن كل مادة يتولد منها بالاحتراق ألوان خاصة. واستنتج من دراسته المكثفة أن المواد الكيمياوية لا تتفاعل مع بعضها إلا بأوزان معينة، فوضع بذلك أساس قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيماوي.
وتطرق الجلدكي أيضا إلى دراسة خواص الزئبق معتقدا أن هذا المعدن هو أصل جميع الأحجار. كما درس خواص المعادن المكونة في الطبيعة وله أقوال في خواص معدن الرصاص .
ولم تقتصر بحوث الجلدكي على علم الكيمياء فحسب ، وإنما تطرقت إلى معارف شتى فبحث في الميكانيكا وعلم الصوت والتموج المائي والهوائي. وكان في دراسته للظواهر الطبيعية معتمدا على ما قرأه عن أساتذته ابن الهيثم ، و الطوسي ، و الشيرازي وغيرهم. كما اشتغل بعلمي الطب والصيدلة وله في هذين العلمين نتاج جيد.
ترك الجلدكي عددا كبيرا من المؤلفات معظمها في الكيمياء من أشهرها كتاب التقريب في أسرار تركيب الكيمياء ، وهو موسوعة علمية تضمنت الكثير من المبادئ والنظريات والبحوث الكيميائية، واحتوى على وصف للعمليات المستخدمة فيها كالتقطير والتصعيد والتكليس، وكتاب نهاية الطلب في شرح المكتسب وزراعة الذهب ، وفيه اقتباسات عديدة من جابر بن حيان. وكتاب كنز الاختصاص ودرة الغواص في معرفة الخواص ، وهو في قسمين، قسم في الحيوان وقسم ثان في الجماد. وكتاب غاية السرور ، وكتاب البرهان في أسرار علم الميزان ويحتوي على أربعة أجزاء أورد فيه قواعد كثيرة من الطبيعة بما يتعلق بصناعة السيمياء ، وسجل شروحا وتعليقات علمية دقيقة لبعض النظريات الميكانيكية، وكتاب المصباح في علم المفتاح ، وهو عبارة عن خلاصة الخمسة كتب السابقة.
__________________
الــــــــــــرازي
الرازي (251-313هـ / 865 -926م)
أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، طبيب وكيميائي وصيدلاني وفيلسوف مسلم،اشتهر في القرن الثالث والرابع الهجريين / التاسع الميلادي، وقد بلغ مرتبة رفيعة في الطب حتى لقب بـ "جالينوس العرب". ولد في مدينة الري في خراسان شرقي مدينة طهران حاليا.
عاش الرازي طفولة عادية فلم يختلف في صغره عن رفقائه في شيء ثم اهتم كغيره ممن عاشوا في ذلك الوقت بالدراسات الفلسفية واللغوية والرياضية، ثم تعلم الموسيقى فبرع فيها، وحقق فيها شهرة محلية في بلده كمغن وعازف، وظل على هذه الحالة حتى الثلاثين من عمره، حين عزم على تغيير حياته تغييرا جذريا.
ومن أجل تحقيق هذا التغيير رحل الرازي إلى مدينة بغداد
حيث بدأ في دراسة الطب بكل عزم وإصرار، فتعلم فن العلاج الإغريقي والفارسي
والهندي والعربي حتى برع فيه. وبدأ العمل في المستشفى المقتدري، في بغداد،
ثم عاد راجعا إلى بلده، حيث شغل منصب رئيس الأطباء في البيمارستان الملكي
في الري. وكان لذلك يتنقل كثيرا بين بغداد والري، مما أتاح له خبرة عملية
كبيرة.
وفي فترة زمنية قصيرة ذاعت شهرة الرازي في طول البلاد وعرضها، حيث أصبح
أشهر من عرف بممارسة الطب السريري في وقته. فرحل إليه طلاب العلم من كل
أقطار الدولة الإسلامية، فازدحمت قاعات التدريس بالأطباء وتلاميذهم الذين
تناقلوا مأثوراته في الطب وقصصه في العلاج بعد وفاته بـ 200 سنة.
أورد ابن أبي أصيبعة: "حدثني بعض أهل الطب الثقات، أن غلاما من بغداد قدم الري وهو ينفث الدم، وكان لحقه ذلك في طريقه، فاستدعى أبا بكر الرازي، الطبيب المشهور بالحذق، صاحب الكتب المصنفة، فأراه ما ينفث ووصف ما يجد. فأخذ الرازي مجسته ورأى قارورته، واستوصف حاله منذ بدأ ذلك به، فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة؛ ولم يعرف العلة، فاستنظر الرجل ليتفكر في الأمر، فقامت على العليل القيامة، وقال: هذا يأس لي من الحياة لحذق المتطبب وجهله بالعلة. فازداد ما به وولد الفكر للرازي أن عاد عليه فسأله عن المياه التي شربها في طريقه، فأخبره أنه شرب من مستنقعات وصهاريج، فقام في نفس الرازي بحدة الخاطر وجودة الذكاء، أن علقة (دودة) كانت في الماء فحصلت في معدته، وأن ذلك النفث للدم من فعلها. فقال له إذا كان في غد جئتك فعالجتك ولم أنصرف أو تبرأ، و لكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيك بما آمرهم به، فقال: نعم. وانصرف الرازي فتقدم فجمع له ملء مركنين كبيرين من طحلب أخضر فأحضرهما من غد معه وأراه إياهما وقال له ابلع جميع ما في هذين المركنين. فبلع الرجل منه شيئا يسيرا ثم وقف. فقال: ابلع. فقال: لا أستطيع، فقال للغلمان: خذوه فأنيموه على قفاه. ففعلوا به ذلك وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه، وأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبسا شديدا، ويطالبه ببلعه شاء أم أبى، ويتهدده بالضرب إلى أن بلعَّه كارها أحد المركنين بأسره، والرجل يستغيث فلا ينفعه مع الرازي شيء، إلى أن قال الساعة اقذف. فزاد الرازي فيما يكبسه في حلقه فذرعه القيء فقذف. وتأمل الرازي قذفه فإذا فيه علقة، وإذا هي لما وصل إليها الطحلب قرمت (مالت) إليه بالطبع وتركت موضعها، والتفت على الطحلب. فلما قذف الرجل خرجت مع الطحلب، ونهض العليل معافى".
ولقد تمثل إسهام الرازي العلمي في عدد كبير الابتكارات والاختراعات التي
سجلت باسمه في مجال الطب والصيدلة والكيمياء بما يدل على نبوغه وتفوقه في
تلك العلوم. ففي مجال الطب قام الرازي بتجربة الأدوية الجديدة على
الحيوانات قبل وضعها للتداول الطبي لمعرفة فعاليتها وآثارها الجانبية.
وفي مجال الجراحة استخدم مادة الأفيون كمخدر في العمليات الجراحية وأمراض
الجهاز التنفسي. ومن ابتكاراته أيضا صناعة خيوط الجراحة من أمعاء القطط،
واستعمال فتيلة الجرح وتركيب مراهم الزئبق، ومعالجة السل بالتغذية بالحليب
المحلى بالسكر، إلا أنه يؤخذ عليه أنه لم يكن يجري العمليات بنفسه بل كان
يكلف آخرين بها ويكتفي بالتوجيه والإشراف.
ولقد اهتم أيضا اهتماما كبيرا باختبار مواقع بناء المستشفيات،وضرورة توفر
الشروط الصحية والطبيعية في تلك المواقع، وكان منهجه في علاج مرضاه يعتمد
على الملاحظات السريرية وربطها بالسن والوضع الاجتماعي والنفسي للمريض. كما
كان يتعرف على طبيعة الألم بقياس النبض وسرعة التنفس وأحوال البول
والبراز. وإلى جانب نبوغه في الطب فقد كان أيضا طبيبا متميزا في العلاج
النفسي فكان يعالج مرضاه بالموسيقى، كما عني عناية فائقة بالمجانين. وقد
وضع الإرشادات والنصائح الطبية للأطباء ولعامة الناس ، وله العديد من
الأقوال المأثورة في ذلك. ?
من أقوال الرازي المأثورة: "الحقيقة في الطب غاية لا تدرك، والعلاج بما
تنصه الكتب دون إعمال الماهر الحكيم برأيه، خطر". وقال: "العمر يقصر عن
الوقوف على فعل كل نبات في الأرض، فعليك بالأشهر مما أجمع عليه ودع الشاذ،
واقتصر على ما جربت".وقال: "ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يوثق به من
الأطباء، فخطؤه في جنب صوابه يسير جدا". وقال: "إن استطاع الحكيم أن يعالج
بالأغذية دون الأدوية فقد وافق السعادة". وقال: "عالج أول العلة بما لا
يسقط القوة، وما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه الناس وعضدته التجربة فليكن
إمامك".
وفي مجالي الصيدلة والكيمياء كان الرازي أول من نادى بفصل الصيدلية عن
الطب، وكذلك أول من جعل الكيمياء في خدمة الطب بعيدا عن الشعوذة التي
صاحبتها في ذلك الوقت، كما توصل إلى تحضير عدد غير مسبوق من المواد
الكيميائية، وأدخل العديد منها في المعالجة الدوائية ففتح بذلك باب الصيدلة
الكيميائية. فهو مثلا أول من حضر مادة الكحول بعد تخمير بعض المحاليل
السكرية، كما حضر زيت الزاج بتقطير الزاج الأخضر . وعلى الرغم من ابتكاراته
الكيميائية الدوائية إلا أنه كان يفضل العلاج بالأعشاب. كما نسب إليه
ابتكار قرابة عشرين أداة استخدمها في الكيمياء.
كان الرازي محبا للفقراء يعطيهم العلاج مجانا ،ويعطيهم أيضا مالا ، بينما
كان هو يعيش في بساطة وتواضع فأحبه العامة ،كما أن نبوغه وتفوقه العلمي
قربه من الملوك والأمراء. كان كل ذلك سببا في حقد زملائه عليه وضيقهم به
وبشهرته وبكرمه، فزوَّروا التهم ضده حتى أبعده الخليفة من بغداد إلى مدينته
الري وحرمه من كل المناصب التي كان يشغلها بكفاءة واقتدار.
وأقام الرازي في فترة العزلة في منزل شقيقته خديجة بعد أن فقد بصره، وذلك
بسبب ما عرف عنه من أنه كان من العلماء الذين يكثرون القراءة ليلا، وخاصة
عند النوم. فكان ينام على ظهره حتى إذا أخذته سنة من النوم وهو يقرأ، سقط
الكتاب على وجهه، واستيقظ ليواصل القراءة. فكان ذلك سببا في ضعف بصره،
بالإضافة إلى أعماله وتجاربه الكيميائية. ولكم كان يوما حزينا في حياة
الرازي، عندما جاءه طبيب يجري له عملية في عينيه لإنقاذ بصره. وقبل أن يشرع
الطبيب في عمليته، سأله الرازي "عن عدد طبقات أنسجة العين"، فاضطرب الطبيب
وصمت. عندئذ قال الراز ي: "إن من يجهل جواب هذا السؤال عليه أن لا يمسك
بأية آلة يعبث بها في عيني".
توفي الرازي عام 311هـ / 923 م، مخلفا وراءه كتبا عديدة وصلت وفق بعض
الروايات إلى(230) عملا بين مؤلفات كتبها بيده أو ترجمات قام بها من لغات
أخرى، تبحث في الفلسفة والعلوم الدينية والفلك والفيزياء والرياضيات، فضلا
عن كتب أخرى تبحث في فن الطبخ والشعر الغنائي. ومن أشهر الكتب التي تركها
الرازي وتعتبر علامات بارزة في تاريخ العلوم كتاب الحاوي في التداوي وهو
أشمل ما ألف في العلوم الطبية، وكتاب المنصوري في الطب وهو مختصر للحاوي،
وكتاب الجدري والحصبة وبين فيه لأول مرة الفرق بين أعراضهما، وكتاب برء
الساعة وتناول فيه الأمراض التي تشفى في ساعة لبيان احتيال الأطباء في
إطالة فترة العلاج، وكتاب من لا يحضره طبيب وهو مرشد للمسافر أو من لم يجد
طبيبا في محيطه. أما أشهر مؤلفاته في الكيمياء فتشمل كتاب سر الأسرار ويشرح
فيه كيفية تحويل المواد الرخيصة إلى ذهب، وكتاب التدبير ويشرح فيه تحضير
المواد الكيمياوية وأهم الأدوات المستخدمة في ذلك.
__________________
الرمـــــــــــاح
الرماح (000-672هـ /000 -1273م)
محمد بن لاجين بن عبد الله، ويلقب بالرماح وبالذهبي والطرابلسي. ويعرف بابن لاجين. كان عالم كيمياء وأديبا وفارسا عاش في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي.
ولد الرماح بطرابلس ، ولم تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم تاريخ ميلاده، ولم تذكر الكثير عن حياته. كان الرماح مثل أبيه يهوى الفروسية، ولأبيه كتب فيها، وكان الرماح مهتما اهتماما خاصا بفنون القتال، وبخاصة الحصون والقلاع ، فكان شغله دائما كيفية تدمير الحصون في المعارك الحربية، فهي العائق الأساسي أمام الفتوحات الإسلامية. ودرس الكيمياء واطلع على كتب العلماء السابقين عليه، وبذل حياته في دراسة التركيبات الكيميائية للعناصر المتفجرة التي تستخدم في الحروب.
ومن أهم إنجازاته في علم الكيمياء ابتكاره لاستخدام البارود كمادة متفجرة
في الحروب، وتستخدم في المدافع. وقد وصف التركيب الكيميائي للبارود محددا
النسب الدقيقة لعناصره: البوتاسيم والكبريت والصوديوم والفحم. ووصف الذخيرة
التي تدك في المدفع وبيّن نسبتها. وذلك في كتابه: الفروسية والمناصب
الحربية ، وقد وصف في كتابه هذا العملية الجوهرية في صناعة البارود، وهي
تنقية نترات البوتاسيم من الشوائب، ووصف طرق استخدام البارود ووظائفه
المختلفة في الحروب. وقد اعترف مؤرخو العلوم الغربيون عند اكتشافهم لهذا
الكتاب بفضل العرب في اختراع الأسلحة النارية.
واهتم الرماح كذلك بدراسة أدوات الحروب العربية الأصيلة، ومن أهمها الرماح، وذلك في كتابه: الرماح ، فتحدث فيه عن صنع الرمح ومواد صنعه من الخشب اللدن أو من الغاب أو من عود معدني مجوف، وعن صفاته من حيث الطول الذي قد يبلغ ثلاثة أمتار، وعن وزنه وتكوينه وأسنته المشعبة والعريضة والرفيعة والمعوجة والمستوية وغيرها، وتحدث كذلك عن الغرض منها وكيفية استخدامها.
ومن كتبه الأخرى في الفروسية: غاية المقصود من العلم والعمل بالبنود ، و بغية القاصدين في العمل بالميادين وقد ألفه للأمير سيف الدين المارديني أمير حلب .
__________________
العــــــــــــــــشاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق